السبت، 11 يونيو 2011


بسم الله الرحمن الرحيم 
كتب  الطاهر على الريح
الفكى إدريس ود الفكى محمد حامد والملقب بالفكى إدريس ود تمساح الترك من قرية الدرادر والتى تقع على الضفة الشرقية للنيل الأبيض وتعد مركز الأنصار الأول بشمال النيل الابيض .
قاد الفكى إدريس معركة ضارية فى القرن التاسع عشر مشاركا أصيلا فى الثورة المهدية وأحد قادتها الأوفياء دعما لها ودفعا للظلم و الطغيان الذى مارسته التركية السابقة على أهلنا .
جمع الفكى إدريس أهله الحسانية من الصلاحية وأبناء عمومته من المغاوير والجمالاب للتشاور معهم بخصوص دعم الثورة فأما المغاوير بقيادة الفكى عبدالمولى أبوضلعا حديد فأشار اليهم بعدم التسرع ونصح بالإنضمام للثورة بعد مرور ركب الإمام المهدى عليه السلام وقال قولته المشهورة " خلوا البرش ينطوى لعندنا وبعدها نبايع "وفعلا أخذ بهذا الرأى وبايع الامام لاحقا ومازال أبناؤه من آل الفكى حامد أنصارا حتى يومنا هذا . أما الفكى إدريس وجماعته فقد عزم النية على المواجهة الفورية للحكومة الظالمة .وفعلا تجمع الأنصار فى الدرادر وسلم الراية لجدنا عبدالله ودالخليفة وبدأوا فى مناوشة الحكومة فى معركة استمرت أكثر من إسبوعين ما بين القراصة والشاوة كان النصر فيها حليفا للأنصار واستشهد المئات منهم دفاعا عن شرف الأمة وعقيدتها وسطروا بأحرف من نور مواقف الشرف والعزة والبطولة لهذ الوطن العزيز الغالى .
لم يخلد كتابنا هذه الواقعة كما وصفتها المخابرات البريطانية بالتفصيل فى كتاب " يوميات غردون فى الخرطوم " الذى أهدانيه المهندس البريطانى بن جافيلد عندما كنا نعمل فى مشروع لوزارة الدفاع السعودية وقمت بترجمة هذه المعركة :
جاء فى تلك المذكرات " بدأ عرب الحسانية فى إثارة المشاكل للحكومة للمرة الثانية . ولتأديب تلك القبيلة والقرى المجاورة للقراصة تم بتاريخ 16/1/1883إرسال الكتيبة الأولى الفوج الثانى فى إثنين من البواخر الحربية أعلى النيل الأبيض . رافق هذه الحملة وكيل المديرية (نائب الحاكم ) وبعض العلماء . كانت التعليمات تقضى بالدخول فى إتصالات مع الناس لإستمالتهم للإستسلام بهدؤ .وتم كذلك إعطاء الأوامر بالنزول من الباخرتين شمال القرية والتقدم بإنتظام صوبها .
وصلت الباخرتان قبالةالقراصة فى 18/1/1883 . هنالك جنحت إحدى الباخرتين فى منتصف النهر أما الأخرى والتى كان على ظهرها الرائد مع خمسة سرايا تحركت الى يمين القرية . نزلت ثلاثة سرايا من السفينة وكونوا خط نأر بالقرب من إحدى التلال الرملية موازى للنهر ويبعد عنه بمقدار 500 ياردة وبدأوا بإطلاق النار على الأنصار المتواجدين على بعد 2000 ياردة . تحرك الأنصار نحو مصدر النيران ولكن أجبرتهم قوة النيران عند إقترابهم على الإمالة يمنة ويسرة . نجح ثلاثة أو أربعة من الفرسان الأنصار فى التسلل بين النهر والتل الرملى وهجموا على السريتين واللاتى نزلن متأخرات .مثلت هذه الهجمة علامة الذعر وسط الجنود وهرب كل المصريين تجاه النهر وبدأ الأنصار فى مطاردة المنهزمين وفى هذا الأرتباك قتل الرائد .
جاءت الباخرة الثانية مع الثلاثة سرايا المتبقية من الكتيبة وتم عقد مجلس حربى والذى قرر أن الكتيبة ليست قوية بما فيه الكفاية للتعامل مع المهاجمين ولذلك أصبح ضروريا طلب المزيد من الجنود والمدفعية من الخرطوم مع أن عدد المهاجمين لم يتجاوز ال 400 أنصارى .خلال الأيام القليلة التالية إستكانت الكتيبة بهدؤ على ظهر الباخرة بعيدا عن القراصة . 
بتايخ 26/1/1883 وصل من الخرطوم رائد الكتيبة الثانية للفوج ليخلف الرائد والذى قتل على أيدى الأنصار .وكانت تبعد البواخر من القراصة ساعتها بحوالى ساعتين ونصف سيرا . عند الساعة الثالثة فجرا بتايخ 27/1/1883 تم إصدار الأوامر بالتحرك لمهاجمة القرية فجراُ ومباغة الأنصار ولكن مع أحتجاج كل الضباط تقريباً بأنهم يواجهون القتل الحتمى عند السير فى الظلام وفى منطقة مجهولة , فقد تم الغاء الهجوم ولم يتم عمل شىء فى ذلك اليوم الا إستطلاع قصير للمنطقة .
قرر الرائد الهجوم فى 28/1/1883 وعندما تم إصدار الأوامر أبلغ خمسة من كبار الضباط عن أنفسهم بأنهم مرضى . عند الساعة الثالثة والنصف فجر يوم 28/1/1883 بدأت الكتيبة بالسير وتم عمل مربع حربى سبقته فرق الكشافة والحراسة وعند إنبثاق الصباح كانت القوة على بعد 800 ياردة من القرية والتى يفصل بينهما شريط ضيق من غابة . تم إعطاء الأوامر لعدد إثنين من السرايا بالتقدم ناحية الغابة لاستطلاع الطريق المؤدى للقرية ولكن رفض الضباط التقدم قائلين سيكون مصيرهم الموت لامحالة .فى هذه الأثناء والنقاشات رفض بعض الجنود الأوامر وأطلقوا النار على بعض القطعان والتى أعطت تحذيرا للأنصار وخلال دقائق معدودة ظهر نحوا من تسعة أو عشرة فرسان عند الغابة . كان الأنصار يعدون بالفرسان ويلوحون بسيوفهم مما لفت إنتباه الجنود وأعطى وقتا لاستبعاد النساء والقطعان من القرية . بعد إلإنتهاء من إجلاء النساء والقطعان من الماشية تقدم الأنصار نحو الجنود مما جعل قطاعات الجنود تولى هاربة فى الحال ووبدأ الأنصار الذين لم يتعد عددهم 350 أنصاريا وبدون أسلحة نارية فى ملاحقتهم للجنود الهاربين إلى النهر إلى مسافة نصف الساعة مشيا من البواخر بعيدا عن مرمى النيران . وتم الإعتقاد بأن عدد قتلى الأنصار بحدود ثلاثين ما بين شهيد وجريح ".
هذا ونتمنى من كتابنا وأهل المنطقة بالغاء المزيد من الضوؤ على هذه المعركة وتخليد أسماء الأبطال الذين استشهدوا فيها .
</b></i> 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق